اخبار دولية

تفاصيل استقالة رئيس الوزراء الفرنسي بعد ساعات من تشكيل حكومته

تتواصل الأزمة السياسية التي تعصف بالمشهد الفرنسي مع إعلان رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو استقالته، صباح الاثنين، من منصبه بعد أقل من شهر على تعيينه، في خطوة كشفت حجم الارتباك الذي تعيشه السلطة التنفيذية في باريس، وسط انقسام سياسي حاد وتحديات اقتصادية خانقة.

فقد أكد قصر الإليزيه في بيان رسمي أن الرئيس إيمانويل ماكرون قبل استقالة لوكورنو، الذي كان قد عُيّن في التاسع من شتنبر الماضي لتشكيل حكومة جديدة خلفاً لـ فرنسوا بايرو، بعد سقوط حكومته إثر تصويت البرلمان بحجب الثقة بسبب خلافات حادة حول مشروع قانون الميزانية.

🔹 حكومة ثالثة في أقل من عام

استقالة لوكورنو، الوزير السابق للجيوش، جاءت بعد ساعات من إعلان تشكيل حكومته مساء الأحد، وهي الحكومة الثالثة في أقل من سنة واحدة، ما يعكس هشاشة المشهد السياسي الفرنسي وعمق الانقسام بين التيارات الحزبية الممثلة في الجمعية الوطنية.

ورغم محاولات لوكورنو بناء تحالف سياسي موسّع يجمع بين التيار الوسطي والمعتدلين من اليمين، إلا أن تشكيلته الحكومية واجهت انتقادات لاذعة من المعارضة التي اعتبرتها “مجرد إعادة تدوير للوجوه القديمة” دون أي رؤية جديدة لإخراج فرنسا من أزمتها.

🔹 ضغوط اقتصادية غير مسبوقة

وتأتي هذه الأزمة السياسية في وقت تعرف فيه فرنسا ضغوطاً مالية متزايدة، بعد أن بلغ الدين العام مستويات قياسية غير مسبوقة.
فوفقاً للبيانات الرسمية الأخيرة، ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أكثر من 120%، أي ما يقارب ضعف الحد الأقصى المسموح به وفق قواعد الاتحاد الأوروبي (60%).
وباتت فرنسا بذلك ثالث أكثر دولة مديونية في أوروبا بعد اليونان وإيطاليا، وهو ما يضع حكومة ماكرون أمام تحديات كبرى تتعلق بالإصلاح المالي والإنفاق العمومي.

🔹 تشكيلة مثيرة للجدل

الحكومة التي أعلنها لوكورنو قبل استقالته لم تدم سوى ساعات، لكنها كشفت عن توجه ماكرون لإعادة تدوير الأسماء ذاتها التي شغلت مناصب سابقة.
فقد تم تعيين برونو لومير وزيراً للجيوش بعد أن شغل حقيبة الاقتصاد منذ 2017، في حين أسندت وزارة الاقتصاد إلى رولان لوسكور الذي كان يُنتظر أن يقود إعداد مشروع الميزانية الجديد، في خطوة فاجأت الأوساط السياسية.

أما وزراء الحكومة السابقة، مثل جان نويل بارو (الخارجية)، وبرونو روتايو (الداخلية)، وجيريالد دارمانان (العدل)، ورشيدة داتي (الثقافة)، فقد احتفظوا جميعهم بمناصبهم، مما زاد من حدة الانتقادات الموجهة للحكومة باعتبارها “نسخة مكررة بلا مضمون إصلاحي”.

🔹 مأزق ماكرون السياسي

تضع هذه التطورات الرئيس إيمانويل ماكرون في وضع سياسي صعب، خاصة بعد تآكل شعبيته بسبب سياساته الاقتصادية وملف إصلاح نظام التقاعد، إضافة إلى احتجاجات الشارع ضد ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.
ويرى مراقبون أن استقالة لوكورنو تعكس فشل الرئاسة في إنتاج قيادة سياسية مستقرة، وأن ماكرون بات يواجه مرحلة “الشلل الحكومي” التي قد تعيق تنفيذ إصلاحاته الهيكلية قبل نهاية ولايته.

🔹 سيناريوهات مفتوحة

في ظل هذا الوضع المتأزم، يبقى المشهد الفرنسي مفتوحاً على عدة سيناريوهات:

  • إما أن يُكلّف ماكرون شخصية تكنوقراطية محايدة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني،

  • أو أن يغامر بحل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهو خيار يحمل الكثير من المخاطر في ظل صعود اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان.

وفي جميع الأحوال، يبدو أن فرنسا مقبلة على مرحلة اضطراب سياسي واقتصادي غير مسبوقة منذ بداية ولاية ماكرون الثانية، ما قد ينعكس سلباً على موقعها القيادي داخل الاتحاد الأوروبي وعلى قدرتها في لعب دور فاعل في الملفات الدولية الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى